من هنا بدأت .... من مدينة سيدي بوزيد التونسية... في السابع عشر من ديسمبر...بائع متجول وشرطية مراقبة بلدية اعطيا شرارة البداية .... دون حسابات ...دون ان يعلما ان التاريخ سيتغير منذ تلك اللحظة..
بدأت الاحتجاجات في تلك المدينة... السلطة لم تبالي.. توسعت شيئا فشيئا في المدن المجاورة ... انتشرت الاحتجاجات حتى عمت كامل البلاد «خبز وماء وبن علي لا" "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق" ...بدا الشعب يشعر بشيء ما .. . وكأنه راي بصيص من الحرية يلوح ...فزاد طموحه... رغم الضرب والموت أحيانا...تحمل وصبر على الصعاب ...شعر انه قريب من الانتصار هذه المرة ...ارتبكت السلطة...احست بالعجز امام هذا الطوفان ...فبعد الوعيد بالضرب بالحديد ...تقهقرت وتراجعت ثم خرجت لتقول "فهمتكم ...نعم فهمتكم..." ولكن هيهات ...الان الشعب هو الذي لم يفهمكم.. الشعب يحلم الان ...ولكن بماذا
هرب بن علي او هربوه او خلعوه ...لا أدرى ...الشعب لم يبحث عن الحقيقة في تلك اللحظة ...الشعب شعر ب"الانتصار"...لم تعد تهمه الحقيقة ...خرج احدهم في تلك الليلة في شارع بورقيبة يبشر ويصيح " بن علي هرب...بن علي هرب. الديكتاتور هرب" وجاء شيخ وقال " لقد هرمنا من اجل هذه اللحظة التاريخية" ...وتنفس السعداء ...واصبح "الحلم حقيقة الان" ماذا بعد...
هرب بن علي الى الخارج...وجاءوا الينا الهاربين في الخارج ...فتحت المنابر في التلفزيون...الجميع يتكلم ...الجميع يحلل ...الكل اصبحوا سياسيين ...جاءوا وقالوا للشعب الان عليك الانتظار....ليكتمل حلمك ....ولكن ماذا بعد ..لقد هرب بن علي ...قالوا الان سنقوم بتأسيس جديد ...لن تنتظر كثيرا أيها الشعب سوى سنة واحدة ...انتظر الشعب ...السنة عندهم ثلاثة سنوات ...انتهى التأسيس بعد الثلاثة ... فرح الشعب ... الان "سيكتمل الحلم" ...ولكن هيهات ...قالوا انتظر أيها الشعب ...لقد كنا في المؤقت ....انتظر حتى يأتي "الدائم" وهنا سيكتمل حلمك .. كيف...الان عليك ان تختار من سيحقق حلمك ...ذهب الشعب الى مكاتب الاقتراع بلهفة .... لم يبق الكثير ل"تحقيق الحلم" جاءوا "محققو أحلام الشعب" ...الكل ينتظر ويحلم ...كيف سيصبح غدا..
ومرت الأيام
" على قول كوكب الشرق" لم يتحقق سوى التطاحن بينهم .... انت يميني وانت
يساري.... انت مسلم وانت كافر. وانتهي الامر الى الاغتيال والإرهاب ..... والشعب
هائم ...ماذا حدث... ولماذا هرب بن علي .... عمت الفوضى من جديد ولكن هذه المرة بينهم
فقط...بين "موحققو" أحلام الشعب ...هم يقولون كل هذا من اجل الشعب ... كادت
ان تنهار لولا "لقاء الشيخان" في عاصمة الانوار .... فجاءوا للشعب بمصطلح جديد....
انتظر قليلا أيها الشعب فسيتحقق حلمك بعد "التوافق"... اجتمعوا ...التقوا
...تحصلوا على جائزة نوبل ...فعلا لقد تحقق "حلم الشعب" بهذا
"الإنجاز العظيم" ...واليوم أيها الشعب لم يبقى في هذه الفترة الا القليل..
لا يكمن تحقيق فيها أحلام السنين...انتظر قليلا لتختار من سيحقق حلمك ...وهذه
المرة الامر يقين....
وجاءوا
يبشرون من جديد ..... ايها الشعب حلمك هذه المرة في ايادي الأمين .... جاءوا "المبشرون
" الجدد.... الشعب مازال ينتظر... ولكن بدا يمل ...التشاجر والتطاحن
بينهم لم ينتهي ... بل زاد...الوضع أصبح لا يطاق ...المعيشة اصبحت صعبة...الشباب
فقد صبره ...هناك من غير حلمه نحو قوارب الموت ...رأى حلمه ما وراء البحار.... ماذا
بقي في هذه البلاد... الموت هنا او هناك...من المسؤول عن كل هذا...هم طبعا ..."المبشرون"...الى
ان مات الرئيس ...انه حدث جلل ...وهنا لا بد من الانتظار من جديد...واستعدوا
جميعا للانتخاب ... لتحقيق حلم هذا الشعب "السعيد"... ابشروا لقد جاءوا المصلحون
...هيهات...انهم اشد فوضة من الاولون.... ثلب... ضرب...صياح...لم يبق سوى ... حتى
جاء شهر جويلية يوم خمسة وعشرون ...خرج الشعب كبارا صغارا فرحين...انتهى اليوم جوع
السنين...وجاء الرجل الذي سينهي الضيم المهين...لكن انتظر قليلا أيها الشعب...فالحكم
أصبح اليوم بالمراسيم...ولا بد من دستور لتأسيس جديد...لنغير كل ما عملوه طيلة
عشرة سنين...
انتظر...انتظر...انتظر ابها الشعب ... فالانتظار من خصال الصالحين...
تعليقات
إرسال تعليق